شهر على الحرب في غزة.. تعاطف عالمي يقف عاجزاً أمام الـ"الفيتو" الأمريكي
شهر على الحرب في غزة.. تعاطف عالمي يقف عاجزاً أمام الـ"الفيتو" الأمريكي
بعد مرور شهر على القصف العنيف والمدمر لقطاع غزة وانقطاع شبه تام للاتصالات والإنترنت وشح في المستلزمات الطبية والمواد الغذائية، خذل الموقف الدولي نحو 10 آلاف قتيل فلسطيني.
والأحد، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، أن القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة أسفر عن سقوط 9770 فلسطينيا، بينهم 4800 طفل، و2550 امرأة، إضافة إلى 24808 جرحى، و2660 مفقودا بينهم 1270 طفلا.
وطالت الغارات الجوية 15 مرفقا صحيا و51 عيادة تم تدميرها بالكامل، و150 سيارة إسعاف، وإغلاق 16 مستشفى رئيسيا من أصل 35 في القطاع، كما قصفت أيضا 220 مدرسة، منها 38 تم تدميرها كليا، بحسب بيانات فلسطينية رسمية.
وتعرضت 42 منشأة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) للتدمير، بما في ذلك أماكن لجوء النازحين من المناطق المدمرة.
على الجانب المقابل، قتل 1400 إسرائيلي وأصيب 5431 آخرين، وفق مصادر إسرائيلية رسمية، كما وقع في الأسر نحو 242 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب حركة "حماس" في مبادلتهم بأكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء يقبعون في سجون إسرائيل.
وفي فجر 7 أكتوبر الماضي، أطلقت حركة حماس، عملية مباغتة ضد إسرائيل بإطلاق دفعات مكثفة من الصواريخ على مناطق إسرائيلية عدة، وتنفيذ عمليات تسلل في محيط قطاع غزة، في ما اعتبرته السلطات الإسرائيلية حربا ضد دولتها تستدعي الرد بغارات جوية على القطاع.
ورد الجيش الإسرائيلي بقصف جوي موسع على قطاع غزة في عملية أسماها بـ"السيوف الحديدية" تسبب في تدمير واسع للبنية التحتية والمباني المدنية والحكومية، فيما سقط آلاف القتلى والجرحى خلال المواجهات وأثناء العمليات العسكرية بين الجانبين.
سلاح الفيتو
وعلى مدى جولتين، لم يتمكن مجلس الأمن الدولي، من الاتفاق على 4 مشروعات لقرارات قدمتها الولايات المتحدة وروسيا والبرازيل بشأن هدنة إنسانية لوقف تصاعد الأوضاع في قطاع غزة.
تسابقت واشنطن وموسكو على استخدام الفيتو "حق النقض" في مجلس الأمن، إذ استخدمت كل من روسيا والصين “الفيتو” ضد مشروع القرار الأمريكي، بعد حصوله على تأييد 10 أعضاء ومعارضة 3 (روسيا والصين والإمارات العربية المتحدة) وامتناع عضوين عن التصويت.
ونص مشروع القرار الأمريكي على "رفض وإدانة الهجمات الإرهابية الشنيعة التي شنتها حماس والجماعات الإرهابية الأخرى في إسرائيل، وكذلك أخذ وقتل الرهائن والقتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي واستمرار الإطلاق العشوائي للصواريخ".
وأكد القرار الحق الأصيل لجميع الدول في الدفاع الفردي والجماعي عن النفس، وعلى ضرورة امتثال الدول الأعضاء -الرد على الهجمات الإرهابية- لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي.
فيما دعا مشروع القرار الروسي إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وقفا فوريا ودائما يُحترم بالكامل، وأدان بشدة جميع أشكال العنف وأعمال القتال المرتكبة ضد المدنيين.
وأدان المشروع بشكل قاطع الهجمات العشوائية ضد المدنيين والأعيان المدنية في قطاع غزة والتي تؤدي إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين، والإجراءات الرامية إلى فرض الحصار على قطاع غزة وحرمان المدنيين من البقاء على قيد الحياة.
وشارك في تقديم مشروع القرار الروسي، كل من السودان وفنزويلا، وحصل على تأييد 4 أعضاء فقط، فيما عارضه عضوان هما الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وامتنع 9 عن التصويت.
وقبل ذلك، عجز مجلس الأمن عن تمرير مشروعي قرارين بهذا الشأن، الأول مشروع روسي كان مدعوما من عدد من الدول العربية، ولم يحصل على العدد المطلوب من الأصوات لاعتماده، إذ أيده 5 أعضاء وعارضه 4 مع امتناع 6 عن التصويت.
واستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق الفيتو على مشروع قرار برازيلي يدعو إلى هدنة إنسانية في غزة، حيث أيده 12 عضوا وامتنع عضوان عن التصويت، وهما روسيا والمملكة المتحدة.
الأمم المتحدة
وفي 27 أكتوبر الماضي، اعتمدت الأمم المتحدة، قرارا غير ملزم طالبت فيه بـ"هدنة إنسانية فورية" في قطاع غزة، وذلك غداة تقديم سفراء المجموعة العربية، مشروع قرار حول الحرب على غزة لعرضه على الجمعية العامة.
وشدد القرار، الذي أعده الأردن باسم المجموعة العربية (تضم 22 بلدا)، على "هدنة إنسانية فورية دائمة ومتواصلة تقود إلى وقف للعمليات العسكرية"، وهو ما انتقدته إسرائيل بشدة.
بدورها، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بـ"التأييد الساحق لقرار الجمعية العامة"، وقالت إن "المجتمع الدولي تكلم بصوت عالٍ ضد جرائم إسرائيل المستمرة".
من جانبها، قالت سفيرة الإمارات العربية المتحدة لانا زكي نسيبة: "سنستخدم السلطة الأخلاقية للجمعية العامة ونعمل في مجلس الأمن على اقتراح (من الأعضاء العشرة غير الدائمين) لمحاولة كسر الجمود.
في المقابل قال السفير الإسرائيلي جلعاد أردان، تعقيبا على القرار آنذاك: "اليوم هو يوم مشين.. شهدنا جميعا أن الأمم المتحدة لم تعد تتمتع ولو بذرّة واحدة من الشرعية أو الأهمية (..) عار عليكم".
وانتقدت إسرائيل والولايات المتحدة هذا القرار غير الملزم بشدة، والذي أيده على وقع التصفيق 120 عضوا وعارضه 14، فيما امتنع 45 عن التصويت، وذلك من أصل 193 عضوا في الجمعية العامة.
وأظهرت نتائج القرار الأممي انقساما في صفوف الدول الغربية، لا سيما الأوروبية، إذ أيدته فرنسا في حين امتنعت ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا عن التصويت، وصوتت النمسا والولايات المتحدة ضد القرار.
وإجمالا، أعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن قلقها البالغ من الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة وتداعياته الهائلة على السكان المدنيين، والذين معظمهم من الأطفال والنساء.
ويعد هذا هو القرار الأول الرسمي للأمم المتحدة على تصاعد العنف جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، بعد أن فشل مجلس الأمن الدولي 4 مرات في اتخاذ إجراء خلال الأسبوعين الماضيين.
مساعٍ عربية
وفي 21 أكتوبر الماضي، انطلقت قمة القاهرة للسلام، في العاصمة الإدارية الجديدة شرقي العاصمة المصرية، بمشاركة دولية وعربية وأممية واسعة، لبحث تطورات القضية الفلسطينية.
وعقدت القمة بمشاركة دول الإمارات، وقطر، والسعودية، والأردن، والبحرين، وجنوب إفريقيا، وموريتانيا، وليبيا، والكويت، إسبانيا، واليونان، وإيطاليا، والعراق، وسلطنة عمان، وتركيا، والمغرب، وجزر القمر، وكندا، وألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، والبرازيل، واليابان، والنرويج.
وشهد أعمال القمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل.
وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في كلمته إن بلاده "تعبر عن دهشتها البالغة من أن يقف العالم متفرجا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها 2.5 مليون فلسطيني في غزة، يفرض عليهم عقاب جماعي وحصار وتجويع وضغوط عنيفة للتهجير القسري، في ممارسات نبذها العالم المتحضر".
وأضاف السيسي: "مصر دفعت ثمنا هائلا من أجل السلام في هذه المنطقة"، داعيا إلى توفير "الحماية الدولية للفلسطينيين وأن حلول هذه القضية تأتي بحصول الفلسطينيين على حق تقرير المصير".
ودعا زعماء العالم التوصل إلى اتفاق بشأن خارطة طريق لإنهاء الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وإحياء طريق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وجاءت كلمة السيسي لإنهاء حالة جدل أثيرت عقب مطالب للسلطات الإسرائيلية بتهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية، كما تزامن مع تواتر تقارير بشأن استعداد إسرائيل لتنفيذ توغل بري على غزة، ضمن حملتها العسكرية التي تشمل أيضا قصفا متواصلا على القطاع.
وأعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، تلقيها طلبا رسميا من كل فلسطين والسعودية، لعقد قمة عربية طارئة برئاسة السعودية، التي ترأس الدورة الحالية في الرياض.
وستعقد القمة العربية الطارئة في 11 نوفمبر الجاري، ومن المنتظر أن تساهم في تنسيق المواقف العربية لمواجهة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما تعول الآمال على القمة في صياغة موقف عربي موحد تجاه الصراع العربي الإسرائيلي.
دعم إماراتي
والأحد، أمر رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بإطلاق عملية "الفارس الشهم 3" الإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
كما وجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع بالتعاون مع كل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومؤسسة زايد بن سلطان للأعمال الخيرية والإنسانية وغيرها، لتقديم الدعم الإنساني إلى الشعب الفلسطيني في غزة.
وأمر أيضا بفتح باب التطوع للأطباء المسجلين في وزارة الصحة، بجانب فتح باب التطوع للمتطوعين المسجلين لدى الهلال الأحمر والمؤسسات الإنسانية والخيرية الإماراتية.
وعلى صعيد آخر، أدانت وزارة الخارجية الإماراتية بشدة في بيان، تصريحات وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، بشأن إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة.
وقالت إن "دولة الإمارات تعتبر تصريحات وزير التراث بالحكومة الإسرائيلية بشأن إلقاء قنبلة نووية على غزة انتهاكا للقانون الدولي"، وذلك ردا على تصريح إلياهو بأن أحد الخيارات أمام إسرائيل هي إسقاط قنبلة ذرية على قطاع غزة.
شح المساعدات
ورغم مساعي مصر في تخفيف المعاناة، دخلت أولى شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، عقب نحو أسبوعين على القتال من خلال معبر رفح الحدودي.
وانتظرت مئات الشاحنات الأخرى أمام المعبر من الجانب المصري أو في مدينة العريش، حيث خصصت مصر مطارها لاستقبال شحنات الإغاثة الآتية من دول العالم.
وفي 21 أكتوبر الماضي، تفقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجانب المصري من معبر رفح، حيث دعا إلى إدخال المساعدات بأسرع وقت إلى القطاع، بينما كانت إسرائيل ترفض بشكل قاطع السماح بدخول المساعدات، لكنها وافقت بطلب أمريكي بشرط التأكد من عدم ذهاب المساعدات إلى حماس.
ولم تسفر تلك الجهود والنداءات الدولية بضرورة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، سوى عن عبور 451 شاحنة فقط طوال الأسبوعين الماضيين، أي بمعدل 30 شاحنة يوميا.
وقبل اندلاع الحرب، كانت غزة تستقبل يوميا 500 شاحنة من المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات، بما في ذلك 45 شاحنة وقود لتشغيل سيارات القطاع ومحطات تحلية المياه والمخابز.
وفي مطلع نوفمبر الجاري، استقبلت مصر أول دفعة من الجرحى الفلسطينيين القادمين من معبر رفح البري، وتم نقلهم بسيارات إسعاف مصرية من المعبر إلى مستشفيات شمالي سيناء، كما أعلنت السلطات المصرية عن بذل الجهود لتسهيل إجلاء نحو 7 آلاف أجنبي من غزة، يحملون جنسيات 60 دولة، بينهم موظفو الأمم المتحدة.